ماذا يختلف التسويق القديم عن التسويق الحديث؟ وهل فعلًا اختلفت أولويات المسوق ما بين نوعي التسويق الآنف ذكرهما؟ الجواب نعم، إنّ التسويق الحديث هو العملية الحقيقية التي تحترم العميل وتحترم متطلباته ولكن هذا الأمر لا يكون عشوائيًا بلا بد أن يتم من خلال خطوات مدروسة ومبادئ معروفة، وهذا المقال سيذكر تفصيلًا ذلك.
مفهوم التسويق الحديث
يشير معنى التسويق الحديث Modern marketing إلى العملية التي يُمكن من خلالها تبادل المنتجات والقيمة المقابلة لها ما بين العملاء والمؤسسات أو الشركات، وهنا قد يتبادر سؤال إلى الذهن وهو أليس هذا معنى البيع والشراء؟ والجواب: هو نعم، ولكن يختلف التسويق الحديث بأن العملية كاملة تدور الآن حول الشخص المشتري أي كأنه يقول للشركة “أنا أريد كذا، أعطني ما أريد”، أمّا قديمًا فكانت الشركة تقول: “أنا لدي كذا، فتعال اشتر مني” هذا بالضبط ما تمحور حوله اختلاف معنى التسويق وتطور ليأخذ شكلًا خاصًا يُقال له التسويق الحديث أي تلبية حاجة المستهلك وهنا يكمن الفرق في التسويق بين القديم والحديث.
مبادئ التسويق الحديث
هناك مجموعة من المبادئ التي لا بدّ من اتباعها في التسويق الحديث وهي:
ترك تجربة جيدة للعميل
إنّ أهم ما يجب أن يهتم به المسوق في الطريقة الحديثة هو العميل، ومن خلال الحملة الاعلان والتسويق فإنّ الكثير من القنوات والمنصات تستخدم في تلك الحملة وبالتالي فإنّه يجب توفير خدمة جيدة للعميل في أي نقطة اتصال وعلى أي منصة وحسب الاستفتاء فإنّ اكثر من 60% من العملاء الشباب يتوقعون ذلك.
بناء علاقة ودية مع العميل
من الهام جدًا فهم العميل إلى درجة عميقة كيف يفكر ما هي الألوان التي يفضلها ما هي طموحاته وآلامه وآماله وما إلى ذلك، وهذا يعني أنه يتوجب فهم كل فرد على حدة وليس كجماعة ديموغرافية غامضة، لمّا يصل المسوق إلى هذا العمق من الفهم فإنّه مباشرة سيصل إلى متطلبات العميل وسيكون قادرًا على تحقيقها بشكل جيد وتحقيق فن التسويق على الوجه الصحيح.
تحديد القناة المناسبة
قد يظن البعض أنّه من الضروري نشر المنتج على كافة القنوات لأنّ هذا سيزيد من جذب العملاء المحتملين وغير ذلك، ولكن هذا بالضبط هو أمر غير صحيح، فغالبًا لا يتم تحقيق مبيعات عبر منصة التيك توك لأنّها تستهدف فئة معينة من الشباب لا يملكون المال للشراء ولكن في حال أردت التسويق للعبة معينة أو غيره فإنّ التيك توك سيكون مناسبًا في مجال التسويق الإلكتروني.
بناء علامة تجارية
إنّ العميل لا يعرف مَن أنت ولا يعرف المنتج الذي تروج له أو تتحدث عنه ولكن بالمقابل أنت دائمًا سترتبط في ذهن العميل بمسألة العلامة التجارية أي علامتك أنت هل تركت سابقًا انطباعًا جيدًا في ذهن المستهلك؟ هل استطعت أن تحوز على ثقة أشخاص يعرفهم؟ هل تواكب تغيرات السوق؟ وغير ذلك مما يحدد حقيقة قوة العلامة التجارية.
استعمال أدوات التحليل والقياس
ابدأ خطوتك الأولى في بحوث التسويق ففي حال كنت قد دخلت فعلًا بخطوات مدروسة في التسويق الحديث فإنّه لا بدّ أن تقيس خطواتك وترى هل أنت فعلًا تسير في الخط الصحيح أم لا، هل استطعت أن تصل إلى الهدف الذي وضعته نصب عينيك أم أنّك تسير في اتجاه آخر؟
استراتيجيات التسويق الحديث
إن طرق التسويق الناجحة والحديثة كثيرة جدًا ويمكن اختيار الطريقة بناء على مجموعة من العوامل والمبادئ، وما يلي ذكر أهمّ تلك الاستراتيجيات:
التسويق من خلال وسائل التواصل الاجتماعي
يد واحدة لا يمكن لها أن تصفق لذلك لو أردت استعمال شبكات التواصل الاجتماعي بشكل صحيح فإنّ ما عليك فعله بالضبط هو اختيار منصة من المنصات ومحاولة استهداف العملاء بشكل جيد والرد على استفساراتهم وما إلى ذلك، لكن لو أردت اختيار اكثر من منصة فإنّ الأمر سيكون مرهقًا إلى حد كبير وهنا يمكن لك أن تستعمل التسويق بالمحتوى.
التسويق من خلال المؤثرين
تخيل أنّك تستعين بواحد من أهمّ المؤثرين في التسويق لمنتج أو خدمة معينة تقوم بتقديمها وكل الجمهور الخاص بذلك المؤثر هو بالفعل سيتأثر برأيه وقراره هذا بالضبط ما عليك أن تفعله، مع الانتباه إلى أنّ هذا الأسلوب هو سيف ذو حدين فلو لم يكن المنتج على قدر الثقة المذكورة فإن هذا سيضر مباشرة بالمنتج والمؤثر لأنّ الثقة ستُفقد به تباعًا.
التسويق من خلال التعليم
إنّ التسويق من خلال التعليم يعد أمرًا غاية في الأهمية، على سبيل المثال في حال كنت تريد بيع أداة من الأدوات فإنّ استهدافك للجمهور من خلال تعليمهم على تلك الأداة ونشر محتوى مفيد بالفعل لهم عبر الإنترنت يعد أمرًا هامًا وجاذبًا على وجه الحقيقة لأنّ الناس دائمًا ترغب بمَن يقوم بتعليمهم أو تقليدهم مهارات لبدء عملهم الخاص.
التسويق بالمحتوى
إنّ التسويق بالمحتوى يعد تسويق مباشر وهو أمر غاية في الأهمية شريطة أن يكون ذلك المحتوى مفهومًا من قبل العميل وهو بالفعل يجيب عن مجموعة من الأسئلة التي تخطر في بال العميل، بمعنى آخر كل ما عليك فعله الآن هو أن تبدأ بإعداد محتوى فريد يجذب العميل إليك ويساعده على حل مشكلاته من خلال طرح حلول إيجابية.
كيف يفكر المسوق الحديث
حتى يتمكن المسوق الحديث من الوصول إلى درجة عالية من الخبرة والمهارة فإنّه لا بد من تغيير طريقة تفكيره بشكل مباشر، وأهمّ ثلاثة محاور عليه أن يغير طريقة تفكيره بها ما يلي:
توحيد الصفوف
لا بدّ أن يكون هناك توحيد حقيقي للصفوف ما بين المسوق وقسم المبيعات وقسم الشراء وقسم الموارد البشرية والقادة وغير ذلك لأنّ هذا التماسك والانسجام ما بين كامل الأفرقة يؤدي بشكل مباشر إلى نجاح عملية التسويق ووصول الشركة إلى مكان مهم في السوق العالمية.
التركيز على العميل
إنّ أهم نقطة لفريق التسويق يجب عليه أن يفعلها هي التركيز على العميل لأنّه هو محور عملية البيع والشراء وكسب الثقة وغير ذلك على عكس العصور الماضية التي كان التركيز فيها على السلعة فقط، وهنا يجدر الكلام على أهمية توظيف مختصين قادرين على فهم حاجة العميل وكيف يُفكر وما هي نقاط الضعف خاصته ومن ثم دراسة البيئة الديمغرافية التي يعيش فيها العميل وغير ذلك.
التركيز على العائد الاستثماري
إنّ من الأهمية بمكان أن يركز المسوق على العائد لاستثماري الخاص بالشركة وأن يهتم بذلك ويقيس دائمًا نسبة العائد وأن يضع معايير لمجموعة الاستثمارات التي لا تولد قيمة حقيقية، وبالتالي فإنّ هذا الأمر يولد مصداقية مع المدير المالي ويكون كل عضو في الفريق قادرًا على فهم حيثيات العملية كاملة.
نصائح كوتلر في التسويق الحديث
هناك نصائح كثيرة في التسويق الحديث لا بد من الكلام عنها والتفصيل فيها وهي من كوتلر الذي يُقال عنها “أبو التسويق” وما يلي ذكر بعضها:
- يمكنك أن تتعلم التسويق في ساعة واحدة ولكن حتى تبرع فيه تحتاج إلى زمنٍ طويل.
- إنّ الكلمات الرئيسة في التسويق هي الجودة والخدمة والقيمة وليس من الهام أن تبيع ما لديك من المنتج بل تكمن الأهمية في كسب ثقة العميل.
- التسويق هو ليس مسألة بيع وشراء بل إنّ التسويق عملية تهدف إلى تسهيل التبادل وإتمامه.
لا يمكنك أن تتقلد مفاتيح التسويق الحديث ما بين ليلة وضحاها، إنّ التسويق الحديث يحتاج منك إعمال العقل وتفتيح الجوارح ونفاذ الفكر وقوة البصيرة والقدرة على التفكير والتحليل والتنبؤ وأن يكون لديك تصور عام عن السوق، حتى تتمكن من التسويق يجب أن تكون مبدعًا حقيقيًا.