تأثير وسائل الاتصال الحديثة في العلاقات العامة وكيف تمتهن ذلك؟

كيف انتقلت العلاقات العامة إلى الفضاء الرقمي وهل استطاعت أن تؤثر في صنع واجهة الشركات وما هي وسائلها وأهميتها كل ذلك والمزيد سيكون في هذا المقال.

مع اتساع رقعة التكنولوجيا حول العالم وإلغاء الزمان والمكان والرغبة الشديدة بتسخير التكنولوجيا لخدمة الشركات والمؤسسات ظهرت وظيفة جديدة وهي العلاقات العامة الرقمية التي سيتوقف معها هذا المقال جملة وتفصيلًا وسيضيء على أهم العوامل التي أدت لظهور العلاقات العامة الرقمية ووسائلها الخاصة وما الأخلاقيات التي يجب أن يتمتع بها موظف العلاقات العامة الرقمية.

تعريف العلاقات العامة الرقمية

إن العلاقات العامة هي وظيفة من الوظائف الإدارية –ادارة التسويق– التي تساهم في تعزيز مسألة التواصل ما بين الشركة والعميل لتعزيز صورة المؤسسة في ذهن الجمهور والتعريف بطبيعة الخدمات التي تقدمها وبالتالي فإنّ وظيفة العلاقات العامة تختلف عن التسويق لأنّها تركز على التواصل مع الجمهور وقياس مدى رغبته في المنتج أو الخدمة ورضا الناس عن ذلك، بينما التسويق يقوم بالترويج لتلك الخدمة أو لذلك المُنتج.

إنّ وظيفة العلاقات العامة تجمع ما بين فن التسويق وعلم الإدارة لأنّ اختيار الوسيلة المناسبة للتواصل مع العملاء والجمهور هو واحد من أنواع الفنون، ودراسة تلك الوسيلة ومحاولة التطبيق عليها في أرض الواقع يعد علمًا بحد ذاته، وبعد انتشار التكنولوجيا في الحياة العملية وانسلاخ الإنسان بشكل تقريبي من الحياة الواقعية استطاعت وظيفة العلاقات العامة أن تجد لنفسها متسعًا في ذلك العالم الجديد بوصف آخر اسمه العلاقات العامة الرقمية.

وبذلك نصل إلى تعريف العلاقات العامة الرقمية التي تعني إدارة الاتصال ما بين الشركة أو المؤسسة وبين الجمهور والعملاء من خلال مجموعة منوعة من التطبيقات المعروفة على شبكات التواصل الاجتماعي بغض النظر عن نوع التواصل سواء كان صور أم فيديو أم رسائل نصية، وتتنوع التطبيقات مثل المواقع الإلكترونية أو الألعاب الإلكترونية أو نحو ذلك.

العوامل التي أدت لظهور العلاقات العامة الرقمية

إنّ العلاقات العامة الرقمية هي بمثابة الخيط الرفيع الذي يربط ما بين المؤسسة والجمهور أو العملاء وقد شُهدت مجموعة من العوامل كانت هي السبب الرئيس لظهور العلاقات العامة الرقمية بصورتها الأولى وتطورها حتى الصورة الحالية، ومن تلك العوامل:

  • ظهور أسلوب إداري حديث: قديمًا وقبل متطلبات العصر الحديث والتسويق الحديث كانت إدارة العلاقات العامة ما تزال ضيقة الأفق أمّا مع الانفتاح الحالي في العالم وظهور أساليب جديدة في الإدارة تُساهم في كسب ثقة العميل كان لا بد من ظهور العلاقات العامة الرقمية التي تمكّن الحوار ما بين المؤسسة والجمهور بطريقة فاعلة توصل العميل لانطباع إيجابي بناء على طبيعة عمل المؤسسة والقناعة الذاتية التي خلفها ذلك الحوار.
  • تطور وسائل التواصل الاجتماعي: إن وسائل التواصل الاجتماعي خلقت بيئة جديدة في العمل لا بد من وجود مَن ينظمها ويأخذ بيد العميل للوصول إلى المطلوب، وذلك بعد أن تمّ الاعتماد على شبكات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في تلبية الحاجات والرغبات.
  • تطور الفكر الشرائي أو الاستهلاكي عند الجمهور: إن متطلبات الناس والثقافة الشرائية عند الجمهور تطورت تطورًا كبيرًا في العصر الحديث حيث لم يعد الأمر مقتصرًا على الحاجيات فقط بل باتت الرفاهيات من الأمور الضرورية التي يجب توفرها وشراؤها، وهذا ما ساهم بشكل مباشر يإيجاد وظيفة العلاقات العامة وضرورتها حتى في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وليست الكبيرة فقط.
  • ظهور سلع جديدة: إنّ ظهور سلع جديدة في الوسط التجاري جعل من الضرورة وجود وظيفة العلاقات العامة من أجل تعريف الجمهور بهذا المنتج وإقناع الناس به وبيان أهميته في الحياة العصرية، وخاصة أنّ الكماليات في هذا الوقت باتت أمرًا هامًا عند معظم الناس.
  • زيادة عدد سكان العالم الرقمي: إنّ يومًا بعد يوم يُثبت للإنسان بشكل مباشر أنّ عدد مستخدمي العالم الرقمي والإنترنت يزداد بشكل مخيف يومًا بعد يوم، وبحسب آخر إحصائية في عام 2021 ميلادي فقد بلغ عدد مستخدمي العالم الرقمي 4 مليار و660 مليون مستخدم، وبالتالي فللإنسان أن يتخيل العدد الهائل من الجمهور المستهدف الذي يمكن الوصول إليه من خلال العلاقات العامة الرقمية وكل ذلك لا يتطلب منك إلا أن تتقن طرق التسويق الناجحة.

الفرق بين العلاقات العامة التقليدية والعلاقات العامة الرقمية

قبل تفصيل الكلام عن الفرق ما بين العلاقات العامة التقليدية والعلاقات العامة الرقمية لا بد من الإشارة إلى أمر هامٍ بمكان وهو أنّ العلاقات العامة الرقمية هي امتداد مباشر للعلاقات العامة التقليدية، وكلاهما تسيران وفق مخطط واضح المعالم واستراتيجيات موضحة إلا أنّ الاختلاف الرئيس يكمن في صورة تنفيذ الوظيفة، حيث إنّ الرقمية تستعمل وسائل التواصل الاجتماعي، وما يأتي تفصيل الكلام عن تلك الفروق:

  • وسيلة الاتصال: إنّ أول فرق ما بين العلاقات العامة التقليدية والعلاقات العامة الرقمية يكمن في الاتصالات التسويقية، بمعنى آخر إنّ العلاقات العامة التقليدية تستخدم مجموعة من الوسائل الشخصية أو الجمعية مثل المؤتمرات وغيره بينما وسائل التواصل الرقمية تستعمل غير ذلك من وسائل التواصل الاجتماعية الحديثة والتطبيقات التي تُعنى بنشر المعلومات والأخبار بين الناس.
  • التحكم بالمحتوى المنشور: لعل من أكثر النقاط الحساسة في مسألة النشر هي المحتوى ففي العلاقات العامة التقليدية يتعرض المحتوى للفلترة من حراس البوابة ومن سياسة الإعلام التقليدي في البلاد وغيرها من الأمور الأخرى، أمّا في العلاقات العامة الرقمية فقد سمحت وسائل التواصل بالاحتكاك المباشر مع الجمهور ونشر المحتوى من دون أن يتعرض للفلترة أو أن يتحكم به أي شخص.
  • تحويل دور الجمهور من متلقي لمتفاعل: من الأهمية بمكان معرفة متطلبات الجمهور ومعرفة ردة فعله على مجموعة القرارات أو المنتجات أو حتى الخدمات التي تُقدم، وبالتالي فإنّ العلاقات العامة التقليدية لم تكن توفر هذا أمّا العلاقات العامة الرقمية توفر هذا بشكل جيد وبالتالي فإنّ رأي الجمهور ومتطلباته تصل إلى الإدارة العامة التي يُمكنها أن تُراعي ذلك فيما بعد وتصل إلى نتيجة مرضية بين الطرفين.
  • كتابة عنوان بحثي: في العلاقات العامة التقليدية كان الاعتماد بشكل رئيس على كتابة عنوان أدبي يقوم بجذب الزائر وجذب انتباهه فيُستعمل الجناس الأدبي والتشبيه وشيء من البلاغة، أمّا في العلاقات العامة الرقمية فيجب اختيار عنوان بحثي بشكل دقيق بحيث يجذب إليه محركات البحث الرقمية.

وسائل العلاقات العامة الرقمية

لما برزت العلاقات العامة الرقمية في عالم الشركات وباتت الحاجة إليها ملحة بشكل كبير وذلك من أجل الكثير من الاعتبارات كان لا بدّ من الكلام عن وسائل الإعلام العامة الرقمية التي يمكن الاعتماد عليها ومن تلك الوسائل:

  • الإنترنت: إنّ الإنترنت هو الشبكة العالمية المؤلفة من مجموعة من الشبكات الحاسوبية العالمية والمختلفة أي إنّها تتصل ببعضها البعض وبالتالي فيمكن تواصل الناس من خلال الإنترنت بشكل سهل وميسر، حيث إنّه يمكن من خلال الإنترنت الوصول إلى الجمهور المستهدف بشكل بسيط وميسر وذلك من شأنه إحداث ثورة حقيقية في ذلك المجال.
  • الوسائط المحمولة: يُشير هذا المصطلح بشكل مباشر إلى أهمية الوسائط المحمولة من أجل الولوج إلى الإنترنت والتفاعل مع الجمهور واستعمال مختلف تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، وقد وصل عدد مستعملي الوسائط المحمولة في عام 2021 ميلادي حوالي الخمسة مليار شخص.

أهمية العلاقات العامة الرقمية

إنّ العلاقات العامة الرقمية هي المسؤولة عن نجاح الشركة أو انهيارها مهما كان العمل بسيطًا لأنّ العلاقات العامة هي واجهة الشركة أمام الجمهور، فإذا تمّ استخدام العلاقات العامة بشكل صحيح فإنّه يمكن التغلب على أي عقبة في العمل، ومن الجدير بالذكر أنّ هذا الأمر لا ينطبق على الشركات الضخمة فقط، بل إنّ العمل من بداياته يحتاج لموظف علاقات عامة، وما يلي تفصيل النقاط التي تعكس أهمية العلاقات العامة الرقمية:

  • بناء علاقة بين الجمهور والشركة: إنّ بناء علاقة ما بين الجمهور والشركة يعد أمرًا هامًا للغاية، أي إنّها تؤثر بشكل مباشر على صورة الشركة أمام العميل وتؤثر على القرار الشرائي له، وربما يُقنعه بشراء منتج لم يكن يخطر على باله أبدًا وهذا يعتمد على العروض التسويقية المُقدمة.
  • تسويق لسمعة الشركة: مهما حققت الشركة من نجاحات عامة وإسهامات وتطورات فإنّ الجمهور يكون على غير دراية بالأمر ولا يتأثر به في حال لم يكن هناك شخص يوضح الصورة ويلمعها وهذا من مهمة العلاقات العامة.
  • زيادة مصداقية الشركة: إنّ وظيفة العلاقات العامة تُساهم بشكل مباشر بزيادة مصداقية العلامة التجارية وبالتالي مصداقية الشركة وكسب ثقة الجمهور وربط العميل بالعلامة من دون أن يشعر وذلك من خلال الاعلان والتسويق.
  • زيادة في معدل العملاء: إنّ وظيفة العلاقات العامة هي الاتصال المباشر مع غير مؤسسات واطلاعهم على كل جديد والتأثير عليهم وهذا يزيد بشكل مباشر من فرصة خلق عملاء جدد والوصول إلى احتياجاتهم أو القيام بخلق احتياجات جديدة لهم.
  • تساعد العلاقات العامة في إنقاذ الشركة: قد لا تكون الأيام كلها سواسية في الشركات فهناك أيام قد تعصف بها رياح المخاطر وهنا تأتي وظيفة العلاقات العامة لإصدار خطة قوية تصنع من ذلك التهديد ربحًا جديدًا لها وفق خطة التسويق الشامل واستراتيجيته محكمة.
  • جذب العملاء والمستثمرين: دائمًا ما يكون الاستثمار في شركة لها مستقبل مشرق هو حلم كل المستثمرين وبالتالي تكون هنا قوة العلاقات العامة في رسم أفضل صورة للشركة في ذهن المستخدم من خلال تسويق ابتكاري.
  • المساهمة في انتشار العلامة التجارية: إنّ ما يستقر في ذهن الناس والأشخاص أنّ أكثر ما يتم الحديث عنه هو الأفضل دائمًا وهنا يأتي دور العلاقات العامة التي يجب أن تخلق استراتيجية واضحة من أجل كسب ثقة الجمهور.

أهداف العلاقات العامة الرقمية

إنّ أي شركة أو مؤسسة لا بدّ لها من وجود خبير في العلاقات العامة الرقمية من أجل تحسين سمعة وصورة الشركة امام العميل ولأنّ فهم سياسة الشركة وأهميتها قد يكون عصيًا على العميل العادي لذلك فإنّه يترتب على الشركة العناية بجد في هذه الزاوية منها، ومن أهمّ الأهداف التي يُعنى بها خبير العلاقات العامة ما يلي:

  • تحسين سمعة المؤسسة وصورتها: لعل من أهمّ أهداف موظف العلاقات العامة أن يقوم بتحسين هيئة وصورة السمعة أمام الجمهور المستهدف حتى يُصبح ذلك الجمهور بحاجة للمؤسسة وخدماتها ومنتجاتها.
  • العناية بالجانب الإعلامي للشركة: إنّ الشركة بحاجة دائمًا إلى جانب إعلامي حتى تظهر الصورة أمام الجمهور بشكل موضح وجيد، وبالتالي يكون الشخص قادرًا على فهم تلك الشركة من خلال التحديث المستمر على وسائل التواصل.
  • الحلول محل الموارد البشرية: في بعض الأحيان قد لا تمتلك بعض الشركات موظف موارد بشرية فيُمكن لمدير العلاقات العامة أن يحل مكانه، بحيث يقوم بنشر الوظائف والتعامل مع الموظفين واتخاذ قرارات التعاقد وغيرها.
  • إدارة العلاقة مع الشركات الأخرى: إنّ الشركة تحتاج لأن يدير شخص ما علاقاتها مع المؤسسات الأخرى وهذا يرتبط بشكل مباشر بمدير العلاقات العامة الذي يتمكن من جذب العملاء إليه سواء كانوا أفرادًا أم مؤسسات.
  • إدارة مشكلات الشركات: قد تقع الشركات أو المؤسسات في بعض الأحيان ببعض من المشكلات وهذا يؤدي بالضرورة إلى وجود العلاقات العامة التي تستلم حل تلك الأزمة وإبقاء صورة الشركة لامعة في أذهان المستثمرين.

الضوابط الأخلاقية لممارسي العلاقات العامة الرقمية

إنّ القائم على ممارسة العلاقات العامة الرقمية لا بدّ أن يتمتع بمجموعة من الأخلاقيات التي تسهل له من عمله وتكون على النحو التالي:

  • إنّ ممارس العلاقات العامة الرقمية يجب أن يتمتع بمهنية عالية ويكون موضوعي إلى أبعد حد، بمعنى آخر لا يمكن له أن يقوم باستعمال معلومات العميل لأغراض شخصية لأنّ ذلك فيه إخلال بأخلاقيات العمل.
  • إنّ المسؤول عن العلاقات العامة يجب أن يهتم بسرية كافة البيانات الشخصية ومعلومات الحسابات وغير ذلك مما يهم الشركة والعميل ولا يقوم بإطلاع أي شخص على تلك المعلومات.
  • من الضروري لممارس العلاقات العامة أن يتمتع بالصدق ولا يقوم بالإدلاء بأي معلومات مبالغ فيها أو مغلوظة لتلميع صورة الشركة لأنّ ذلك سينقلب سلبًا فيما بعد.
  • منع الاحتيال من قبل الأشخاص المحترفين في ذلك ومحاولة استعمال الأرقام الخاصة بالعملاء بطريقة غير مشروعة لأنّ هذا من شأنه أن يفقد ثقة العميل بالشركة.

إلى هنا يكون قد انتهى مقال تأثير وسائل الاتصال الحديثة في العلاقات العامة وكيف تمتهن ذلك؟ متحدثين فيه عن معلومات واسعة وهامة عن العلاقات العامة عبر الإنترنت أو ما يعرف بالعلاقات العامة الرقمية وأهميتها ووسائلها وأخلاقيات القائمين عليها وغير ذلك.

أضف تعليق