إنّ بحوث التسويق هي بمثابة القناة التي تمدّ المسوق بمجموعة المعلومات التي سيحتاجها فيما بعد من أجل الوصول إلى القرارات الصحيحة والسليمة وهذا يتوقف على مدى دقة معلومات بحوث التسويق، بمعنى آخر إنّ البحث التسويقي هو الخطوة الأولى لأي نشاط تسويقي حيث يمنح المسوق مقدرة على التعرف إلى كافة تطلعات المستهلكين.
تعريف بحوث التسويق
تُعرف بحوث التسويق marketing research بأنها عملية التخطيط التي تهدف إلى جمع المعلومات والبيانات المُتعلقة بالسوق وتطوراته وتطلعات المستهلك من أجل بناء قرارات سليمة لمواجهة كافة المُشكلات التي تتعرض لها الشركة سواء كان ذلك قبل عملية الإنتاج أو في أثنائها أو بعدها و الحصول على النتائج، تُعد بحوث التسويق خادمة بشكل مباشر لمسألة القرارات التي تتعلق بالمزيج التسويقي بعناصره الأربعة، كما تخدم البرنامج الإداري التسويقي برمّته وهذا من أولى أولويات أهداف بحوث التسويق التي تعتمد عليها العروض التسويقية مباشرة.
خصائص بحوث التسويق
إنّ أي أمر لا بدّ أن يمتاز بمجموعة من الخصائص التي يختلف بها عن غيره، ولعل بحوث التسويق وما يلي ذكر لأهم ميزات بحوث التسويق:
امتياز بحوث التسويق بالتنظيم
يمكن القول إن أكثر ما تتميز به الأبحاث هو التنظيم حيث لا بدّ أن يبدأ بألف وينتهي بياء مارًا عبر ذلك بمجموعة من الخطوات الأساسية المُرتبة التي تتمثل بتحديد الهدف ووضع اليد على المُشكلة والوصول إلى النتائج وأخيرًا كتابة التقرير الذي سيكون القاعدة الرئيسة في عملية فن التسويق وهكذا يتمكن الباحث من استخدام خطوات البحث بشكل مميز.
امتياز بحوث التسويق بالموضوعية
لعل من أهمّ ما يُميز البحث التسويقي بأنّه موضوعي للغاية ولا بدّ أن يكون مجردًا من الأهواء بعيدًا عن كل النزعات النّفسية والميول الداخلية بل لا بدّ أن يكون قائمًا على مجموعة من الإحصائيات الدقيقة وبذلك يتمكّن الباحث من الوصول إلى القرارات الراشدة المبنية بشكل مباشر على أسس علمية تُساهم في تحقيق نتائج مرجوة.
امتياز بحوث التسويق بالشمولية
لا بدّ للبحث التسويقي أن يكون شاملًا أي ينظر إلى كافة البيانات التي بين يدية بنظرة ثاقبة وشاملة ودقيقة فلا يُهمل البيانات الثانوية على حساب البيانات الأولية وبذلك يتمكن الباحث من الوصول إلى قرار سليم من خلال فحص كافة البيانات التي بين يديه بصورة عادلة حتى لا تتأثر المبيعات فيما بعد.
امتياز بحوث التسويق بالفائدة
هناك بعض البحوث التي إن أجراها الشخص فلن يتمكن فيما بعد من الاستفادة منها لأنّها آنية، أما بحوث التسويق فهي غير ذلك إذ تتميز بأنّها قاعدة كبيرة من البيانات التي يُمكن أن يستفيد منها المُسوق في الوقت الحالي أو حتى في المستقبل من أجل مقارنة المعلومات سواء كان ذلك على الإنترنت أو غيره وهذا ما يسهل عملية التسويق المباشر أو غيره من أنواع التسويق.
أنواع بحوث التسويق
قبل إجراء بحوث التسويق لا بدّ من التوقف مع أنواعه بشكل أفضل مفصلين فيها ومبرزين أهميتها وما يلي ذلك:
بحوث التسويق وفق معيار الهدف
يُصنف الخبراء البحث التسويقي من حيث الهدف إلى نوعين رئيسين هما:
- بحوث استكشافية: يميل هذا النوع من بحوث التسويق إلى اكتشاف أمر معين أو تحديد سبب مشكلة ما غير محددة وأبعادها، ومن الضروري عند النظر في مثل هذا البحث أن يتم الوقوف مع الفرضيات وإثارة الأسئلة التي يُمكن أن تُطرح والاطلاع على خصائص المجتمع المدروس لأنّ ذلك سيقدم مساعدة حقيقية في حل المشكلة وهذه الخطوة ضرورية للوصول إلى طرق التسويق الناجحة.
- بحوث استنتاحية: في هذه المرحلة تكون المُشكلة قد حددت سابقًا في البحوث الاستكشافية ويعمد الباحث إلى الوقوف مع مجموعة المتغيرات الرئيسة وتحديد نوع المعلومات المطلوبة من أجل وضع التوصيات الملائمة لمشكلة البحث، وهذا يفيد التسويق بالمحتوى بشكل كبير جدًا.
بحوث التسويق وفق معيار المشكلة
عند الحديث عن البحث التسويقي بالاعتماد على معيار المشكلة فقد صنفها الخبراء إلى ما يلي:
- بحث تحديد المشكلة: ويكون هذا النوع من البحث قائمًا على تحديد المشكلة غير الظاهرة على السطح وغير الموجودة أصلًا ولكن يُمكن أن يتم التنبؤ بها للمستقبل مثل صورة المؤسسة في أذهان المستهلكين و تأثير ذلك على زيادة المنتجات والعلاقات العامة فيما بعد.
- بحث حل المشكلة: يقوم هذا النوع من البحث على حل المشكلة التي واجهت المُسوق فعليًا مثل محاولة حل مسألة الترويج أو التسعير أو غيرها.
بحوث التسويق وفق معيار النهج العام
تُصنف بحوث التسويق وفق معيار النهج العام إلى نوعين رئيسين من الأنواع والتي تتمثل بما يلي:
- البحث الاستدلالي: يقوم هذا النوع من التسويق على استعمال النتائج الكلية للوصول إلى النتائج الجزئية أي يبدأ من العموميات وينتهي بالخصوصيات.
- البحث الاستقرائي: يُعد هذا النوع على عكس البحث الاستدلالي حيث من خلاله يتم الوصول من الخاص إلى العام ومن الجزئيات إلى الكليات.
بحوث التسويق وفق معيار البيانات
في هذا النوع من التسويق تُصنف البحوث إلى قسمين رئيسين وهما:
- البحوث المكتبية: تعتمد البحوث المكتبية على مجموعة البيانات الخاصة التي تصلها سواء كانت بيانات داخلية مثل البيانات الإدارية أو خارجية مثل التقارير المنشورة عبر محركات البحث وغيرها.
- البحوث الميدانية: تعتمد البحوث الميدانية على جمع البيانات من أرض الواقع من خلال الملاحظة والاستقراء والاستقصاء من المصادر الأولية المعتمدة.
بحوث التسويق وفق معيار النطاق الزمني
وفق هذا المعيار يتم تقسيم بحوث التسويق إلى المدة الزمنية التي استغرقتها فهي إما بحوث دورية مطولة أو بحوث مقطعية عرضية، وتفصيل ذلك:
- بحوث دورية مطولة: بحيث يتم كل فترة أخذ عينة من أفراد المجتمع ودراستها بعناية شريطة وجود نفس المتغيرات في كل مرة.
- بحوث مقطعية عرضية: حيث تشمل كافة المعلومات التي يتم جمعها من عينة واحدة من أفراد المجتمع ولكن يُمكن التنويع في تلك العينة بحيث تكون مختلفة ماديًا أو طبقيًا ويتم ذلك لمرة واحدة.
مجالات بحوث التسويق
إنّ بحوث التسويق تهدف بشكل مباشر لوضع خطة واضحة لتقليل المخاطر التي يُمكن أن تتعرض لها الشركة في الوقت الحالي أو حتى في المستقبل عند عرض بعض من منتجات المؤسسة، ومن مجالات بحوث التسويق التي يجدر الكلام عنها:
بحوث الفرص البيعية
إنّ هذا النوع من البحوث يهدف بشكل مباشر إلى اكتشاف فرص جديدة للبيع في السوق والتوسع فيه وتنقسم إلى بحوث المنتج وبحوث السوق والمستهلكين:
- بحوث المنتج: يهدف هذا النوع من البحوث إلى القيام بدراسة المنتج نفسه من عدة نواحي مثل وسائل تحسين المنتج الحالي وما هي آراء المستهلكين نحو هذا المنتج وغير ذلك.
- بحوث السوق والمستهلكين: تهدف هذه الدراسة إلى معرفة السوق بشكل دقيق وتحديد حجمه وطبيعته وتحليل المنافسين ومعرفة مدى وفاء العميل ومَن هم العملاء الدائمين ومَن هم النسبيين.
بحوث الجهود البيعية
بعد التعرف على الفرص البيعية لا بدّ من بذل الجهود من أجل مصلحة المؤسسة لتحسين الوسائل التي تعين على استثمار الوسائل سابقة الذكر، وتنقسم تلك البحوث إلى ثلاثة أقسام هي:
- بحوث السعر: وهنا يبدأ النظر بالسلعة والجودة المُقدمة بالنظر مع السعر المطلوب وما هي الإمكانية الحقيقية لإمكانية تغيير السعر حسب مرونة طلب المنتج.
- بحوث الترويج: الآن يكون النظر بشكل مباشر على ترويج السلعة من خلال اختيار مجموعة الوسائل التي تعين على ذلك والميزانية اللازمة ودراسة النتائج وغيرها.
- بحوث التوزيع: والتي تتمثل بالقدرة على اختيار منافذ التوزيع المناسبة وتحديد الأسس الحقيقية لاختيار الموزعين وعلاقة المنشآت بالموزعين وغيره.
خطوات بحوث التسويق
عند الرغبة بالقيام ببحث تسويقي لا بدّ من مجموعة من الخطوات التي يُمكن أن يتبعها الشخص من أجل الوصول إلى نتائج دقيقة، بمعنى آخر يجب على المُدخلات أن تكون على درجة عالية من الدقة، وما يلي خطوات دقيقة للبحث التسويقي:
تحديد موضوع البحث التسويقي
يجب في هذه الخطوة أن يتم تحديد موضوع البحث التسويقي بشكل دقيق جدًا وذلك من أجل معرفة المشكلة وما هي أسبابها وماهيتها ومعرفة الهدف الحقيقي من حل المشكلة وصياغة مجموعة من الفرضيات التي تُبين سبب وجود تلك المُشكلة وتثير إجابات عنها.
تحديد البيانات المطلوبة
في هذه الخطوة لا بدّ من معرفة البيانات المطلوبة لهذا النوع من البحث وتحديد الوسيلة المُباشرة التي ستُساهم في تجميع تلك البيانات، هل ستكون الملاحظة المقصودة أم الملاحظة عن طريق الصدفة أم الاستقصاء أم غيرها من الوسائل الأخرى.
تحديد طريقة المعاينة وأساليبها
في هذه الخطوة سيتم اختيار مجموعة الأفراد أي العينة التي ستُجرى الدراسة عليها، وطريقة اختيار العينة الدقيقة يُوفر كثيرًا من الجهد المبذول من أجل الوصول إلى نتائج دقيقة، وبالتالي لو كان الاختيار دقيقًا وصحيحًا يُمكن تعميم نتائج تلك العينة على مجتمع الدراسة بأكمله.
تجهيز البيانات
الآن بات بين يدي الباحث مجموعة من البيانات التي استطاع أن يجمعها من خلال عينة المجتمع، وبالتالي صار لزامًا عليه أن يقوم بإجراء تجهيز تلك البيانات وجمعها وجدولتها ومن ثم يقوم بإدخالها على الحاسوب، ولا بد في هذه الخطوة من مراجعة كافة البيانات التي جمعها سابقًا.
تحليل البيانات
في هذه الخطوة يعتمد تحليل البيانات بشكل مباشر على نوعية تحليل البيانات إن كانت ستتم من الناحية النوعية أو من الناحية الكمية، فالتحليل الكمي ينظر إلى الفرد على أنّه يتأثر بالسلوكيات التي تجري من حوله وبالتالي يكون لها أثر على قراره الشرائي، أمّا التحليل النوعي فيقوم على دراسة الفرد وحده والدوافع وراء سلوكياته.
إعداد التقرير النهائي
الآن بعد أن تمّ البحث كاملًا فقد تقوم بعض المؤسسات بعرض النتائج على المُهتمين وذلك من أجل فوائد معينة ومرجوة من البحث، وهنا يُنظر إلى نجاح التقرير بناء على مجموعة العوامل التي يجب أن يُحققها مثل توفيره المعلومات الدقيقة وغير ذلك.
أهمية البحوث التسويقية
تنبع أهميّة بحوث التسويق من الحاجة الواضحة له في مسألة التخطيط قبل البدء بالعملية التسويقية والاتصالات التسويقية، وهذا كله يصب في فعالية التسويق بشكل كبير والوصول إلى أهداف البحث بشكل موضوعي وتوفير معلومات حول الموضوع المستهدف والتقدم نحو الهدف بشكل مدروس وفاعل عبر مجموعة من الاستراتيجيات الفاعلة.
تساعد بحوث التسويق على تقديم دراسة كاملة ودقيقة حول موضوع معين ويزيد من معرفة العملاء حول المنتجات إذا ما تمت كافة الخطوات السابقة بشكل صحيح وكل ذلك أخيرًا يسهل من وضع توقّعات حول النتائج التي من المُفترض أن تحقق على أرض الواقع حول المنتج أو الخدمة وبالتالي تثبيت العلامة التجارية في ذهن المستهلك.
وبذلك يكون قد تم الكلام عن بحوث التسويق ورصدنا فوائدها بدءًا من عملية التخطيط إلى آخر خطوة وهي دراسة النتائج، وهذا يُوضح أهمية بحوث التسويق الحقيقية التي تنعكس على الشركة بشكل مباشر، لهذا لو أردت عملًا ناجحًا كل ما عليك هو أن تبدأ بعمل بحث تسويقي دقيق.