التسويق الاجتماعي عمل خيري أم تجاري ما أسراره وأهدافه وأهميته

التسويق الاجتماعي هو الفاعل الأساسي في صنع مجتمعات فاضلة وفاعلة في نفس الوقت ولهذا النوع من التسويق أساليب وأهداف تابع معنا واقرأ عن الفرق بين التسويق التجاري والاجتماعي.

ما معنى التسويق الاجتماعي؟ قد يرغب الإنسان أن يكون عضوًا فاعلًا في أي مؤسسة خيرية تُدافع عن حقوق المرأة أو الطفل أو الجائع أو المريض أو تُقدم إرشادات أو غير ذلك.. هذا بالضبط ما يُقال عنه التسويق الاجتماعي، ولكن ما هي الفائدة الحقيقية منه؟ وهل يُمكن أن يتمّ في المجتمعات العربية لتعرف أكثر عن ذلك اقرأ معنا.

ما هو مفهوم التسويق الاجتماعي؟

يُعرف مفهوم التسويق الاجتماعي على أنّه مجموعة الأنشطة والأفكار الإبداعية في علم التسويق والتي تُسخر لنشر القيم والأفكار والتأثير على سلوكيات الفرد والمجتمع، يهدف التسويق الاجتماعي إلى التأثير على الأفراد من ناحيتين اثنتين الأولى ناحية أخلاقية ربما تكون متعلقة بالبيئة أو الصحة أو غيرها والثانية هي الناحية الاقتصادية، إذ إنّ الهدف البعيد يكون متعلقًا بالترويج للعلامة التجارية وترسيخها في ذهن الفرد.

أساليب التسويق الاجتماعي

إنّ التسويق الاجتماعي وحتى يتمّ بالشكل الصحيح المطلوب لا بدّ أن يحوي على مجموعة متنوعة من الأساليب التي يُمكن استعمالها حسب الظرف، وما يلي ذكر أهمّ طرق التسويق الناجحة:

أسلوب إغراء المتلقي

من أهمّ الأساليب التي يُمكن أن يتخذها المسوق في هذا النوع من التسويق هو أسلوب إغراء المتلقي في الحملة من خلال شكلها الجديد الذي ينمّ عن محتوى ومضمون هام للغاية، ويُمكن أن يتمّ ذلك من خلال حملة إخبارية معينة يتم من خلالها الحديث عن الموضوعات والشخصيات التي ستكون في الحملة وغير ذلك وقد يُستعمل في هذا الجانب التسويق بالمحتوى.

أسلوب تصويب الرسائل

إنّ هذا الأسلوب يُركز على أمرِ غاية في الأهمية وهو مخاطبة الجمهور باللغة التي تؤثر فيه وهذا يتمّ تحديده بداية من المراحل الأولى في بحوث التسويق تحت بند تحديد الجمهور، فالشاب الذي يتراوح عمره ما بين الخامسة والثامنة عشر لا يُمكن له استيعاب الخطاب الموجه لرجل في الأربعين من عمره.

أسلوب تدعيم الرسائل

في هذا النوع من الأسلوب يجب على الشخص أن يُكمل ما بدأه من خلال تدعيم كافة المعلومات التي أدلى بها في حملته، ويتمّ ذلك من خلال مجموعة من الطرق كزيارة الجمهور في المنازل وهذا يكون سهلًا في حال كانت البقعة المُستهدفة محددة، أو يُمكن التحدث إلى الوجهاء ويكونوا هم بمثابة المروجين لتلك الأفكار أو ربما عن طريق النقاشات الداعمة للفكرة أو غيره وهنا يمكن استعمال التسويق الميداني.

أسلوب غرس الصورة الذهنية

لمّا تواجه الحملة صعوبة في إيصال الفكرة من خلال المعلومات النصية لا بدّ من الاتجاه إلى شيء جاذب أكثر وهو الصور، الصورة غالبًا ما تكون أبلغ من الكلام وأكثر قدرة على التأثير وهنا لا بدّ من الانتباه بعناية إلى طريقة اختيار الصور ومناسبتها لثقافة الجمهور وتقبلهم لهذا النوع من التعبير.

خصائص التسويق الاجتماعي

قد يظنّ البعض أنّ التسويق الاجتماعي هو عبارة عن اعلان وتسويق فقط وهذا خطأ قاتل والذي يُفكر بهذه الطريقة يكون على جهل واضح بخصائص التسويق الاجتماعي، وما يلي ذكر بعضِ من تلك الخصائص:

  • نشاط هادف: من الضروري على المسوق الاجتماعي أن يعلم علم اليقين أنّ التسويق الاجتماعي في آخر الأمر يهدف إلى شيء محدد وهو ليس عشوائيًا ولا بدّ بين فترة وأخرى من قياس الأهداف التي تمّ الوصول إليها.
  • نشاط مستمر: من الأهمية بمكان أن ينتبه المسوق إلى مسألة الاستمرارية في التسويق الاجتماعي أي ألا يتم الأمر بعشوائية فتنشط الحملة في بعض الأوقات وتخبو في مرات أخرى، وهذا ما يجب أن يتم وتكون له خطة جدية وواضحة.
  • نشاط متكامل: لا بدّ للمسوق الاجتماعي أن يتبع في التسويق الاجتماعي أسلوب التسويق المتكامل أي أن تتم الحملة على أكثر من قناة تسويقية واحدة وأن تُكمل بعضها بعضًا لأنّ ذلك من شأنه أن يزيد من ثقة الفرد في المؤسسة.
  • نشاط متطور: قد يرى بعض الأشخاص في التسويق الاجتماعي أن تكرار الحملة ذاتها وعينها يُمكن أن يكرر مرات عديدة وهذا أمر خاطئ، لأنّ المُخاطب في هذا النوع من التسويق هو الإنسان والإنسان تتغير حاجاته وأولوياته بين الحين والآخر وهذا ما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار.

ما الفرق بين التسويق الاجتماعي والتجاري؟

حتى ينجح التسويق الاجتماعي لا بدّ من التفريق بينه وبين التسويق التجاري لأنّه بدون ذلك التفريق سيؤول الأمر إلى الفشل وبالتالي عدم القدرة على تحصيل الأهداف، وما يلي ذكر أهمّ تلك الفروقات:

الاختلافات الإدارية

هناك فرق حقيقي وجذري بين التسويق التجاري الذي يكون هدفه الأساسي هو الربح وبين التسويق الاجتماعي غير الربحي الذي يتعامل مع المبادئ والأخلاق، وتتلخص أوجه الاختلاف:

  • إنّ المؤسسة غير الربحية تستند أعمالها على القيم والأفكار وتحقيق الأعمال غير الربحية مثل تغيير سلوك أو تعزيز صفة، أمّا المؤسسات الربحية فتقوم أعمالها على التجارة والربح وتحقيق المال.
  • معيار التخطيط والتقييم في الإدارة الربحية يقوم على الأساس المادي فقط، أما في المؤسسة غير الربحية فيكون المعيار معنوي ينطلق من مصلحة أفراد المجتمع.

الاختلاف في عناصر التسويق

على الرغم من تشابه المؤسستين في العناصر إلا أنّ الاختلاف الحقيقي يكمن في الجمهور القائمة على:

  • الهدف: الغاية من التسويق التجاري هو إقناع المجتمع أو الفرد يمنتج ما على أنّه الأفضل، أمّا بالنسبة للتسويق الاجتماعي فتكون الغاية هي تحقيق هدف اجتماعي معين.
  • نوع المنتج: في السوق التجاري يتعامل المسوق مع المنتج الذي يُباع للمستهلك وتتحقق الغاية، أمّا التسويق الاجتماعي يتعامل مع أفكار اجتماعية لا تباع ولا تُشترى.
  • الربح: يُقاس الربح في المؤسسات التجارية على العائد المادي الذي حققته الشركة أمّا في التسويق الاجتماعي فيُقاس على مدى الفائدة التي حُققت للمجتمع والأفكار التي تغيرت نحو الأفضل.
  • الجمهور المستهدف: غالبًا ما يكون الجمهور المستهدف في التسويق التجاري قائمًا على الطبقات التي تمتلك قدرة شرائية، أمّا التسويق الاجتماعي فيستهدف كافة الطبقات وعلى الأخص الطبقات ذوي الدخل المنخفض والأميين والريفيين ولا بد من استعمال التسويق الإلكتروني في هذا المجال.

الاختلاف من حيث طبيعة المعلومات

يكمن الفرق في المعلومات ما بين التسويق التجاري والاجتماعي في عدة أمور:

  • صدق المعلومات: في كثيرٍ من الأحيان قد يقوم المسوق بادعاء معلومات حول المنتج يصعب التأكد من صحتها، أمّا في التسويق الاجتماعي فإنّ التفاعل لن يحصل حتى تكون المعلومات صادقة وصحيحة.
  • الفجوة في المعرفة: لا يهتم التسويق التجاري بفجوة المعرفة لأنّه غالبًا ما يستهدف طبقة من المجتمع تتمتع بالمعرفة والقدرة الشرائية، أمّا في التسويق الاجتماعي فتُستهدف كافة الطبقات وبالتالي تُبذل جهود ضافة للتأكد من وصول المعلومة.
صورة توضح الفرق بين التسويق التجاري والاجتماعي

أهداف التسويق الاجتماعي

تتمثل أهداف التسويق الاجتماعي الجديد في الكثير من الأمور والتي على رأسها:

  • التصدي لكافة الأفكار والسلوكيات الاجتماعية الخاصة بالمجتمع المُستهدف أو حتى كافة المجتمعات التي تمنع الفرد من تقبل الأفكار الجديدة والسير مع الحضارة.
  • محاولة توجيه سلوك الفرد نحو الأفضل بما يتماشى مع العادات والتقاليد.
  • معارضة الاتجاهات السلبية التي تؤدي إلى تدهور المجتمع ووصوله إلى حالة مأساوية بالفعل.

ما هي اهمية التسويق الاجتماعي؟

إنّ للتسويق الاجتماعي أهمية عالية تنبع من الأمور التالية:

  • قدرة التسويق الاجتماعي على تغيير العادات الاجتماعية السيئة والوصول إلى مجتمع أفضل نتيجة نشر العادات الإيجابية ونفي العادات السيئة.
  • الوصول إلى التكافل الاجتماعي المطلوب حيث يحمل القوي الضعيف فيكون المجتمع مع بعضه البعض كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا.
  • يمتاز التسويق الاجتماعي بكلفة قليلة بالمقارنة مع الأساليب الأخرى والأهداف التي حدد سابقًا الوصول إليها.

أمثلة على التسويق الاجتماعي

كثيرة هي الحملات التي استطاعت أن تُسخر التسويق الاجتماعي لصالحها وأن تجعل منه أداة حقيقية وفاعلة تسير بالمجتمع نحو الأفضل، ومن ذلك:

حملة أنقذوا الطفولة

لقد استطاعت حملة أنقذوا الطفولة أن تُحقق نجاحات باهرة وقد كانت باكورتها الأولى في بريطانيا حيث تُعد من أوائل المنظمات غير الحكومية التي استطاعت أن تُسلط الضوء على حقوق الطفل وأعمية الحفاظ عليها وجمع التبرعات من أجل مساعدة الأطفال الذين تعرضت حياتهم للخطر إثر الكوارث والحروب التي عاشوها في طفولتهم.

حملة مطعم البيان في دبي

لقد استطاع مطعم البيان في دبي في الإمارات العربية المتحدة أن يصل إلى أهمّ حملة من حملات التسويق الاجتماعي ، حيث أعلن عن تقديم وجبة لكل شخص عاطل عن العمل لا يملك من المال ما يسد رمقه، وبالفعل استطاع أن يُقدم تلك الوجبات وأن يُعين الفقراء وبالتالي تمكن من الحصول على سمعة حسنة للمطعم الخاص به.

أخيرًا إنّ التسويق الاجتماعي موجه للمجتمع في المرتبة الأولى دون أي فائدة مالية قريبة مرجوة، ولكن ليس من الخطأ أن تُحقق سمعة طيبة لمشروعك وبالتالي تحصد نتائج ذلك فيما بعد، لأنّ المُجتمع المُتفهم الذي يسمح لنور الشمس أن يطأ عقله سيكون الداعم الأول لأي نجاح يحظى به.

أضف تعليق